منذ آلاف الملايين من السنين، كانت منطقة وادي سوف
تنتمي جيولوجيا إلى الكتلة القديمة البلورية التي تكونت أثناء العصور
الأولى من تاريخ الأرض الجيولوجي، وتتألف هذه الكتلة القديمة من الجرانيت
والنيس والميكاشيست والكوارتزيت، وبعد تعرض سلاسلها الجبلية للتعرية
اجتاحتها مياه البحار القديمة، فكادت تغمر كامل الرقعة الصحراوية الحالية،
ولكن انحسرت المياه أثناء العصر الفحمي. وأثناء عصر الأيوسين(بدء الحياة
الحديثة) خلال الزمن الجيولوجي الثالث تعرضت الصحراء لعوامل التعرية
الجوية التي أثرت على تضاريسها فطبعتها بطابعها المميز الحالي. وأهم
البراهين الدالة على وجود مظاهر الحياة بالصحراء في العصور القديمة:
- وجود الماء والأعشاب
الذي وفر أسباب الحياة لعيش الحيوانات مثل فرس الماء والزرافة والفيل، وقد
عثر في عام 1957 في شرق حاسي خليفة على هيكل عظمي لفيل الماموث في حالة
جيدة. - وجود غطاء نباتي كثيف في الصحراء بصفة
عامة، ويؤكد ابن خلدون في بعض العصور أنهم كانوا يستظلون في ظل الأشجار
عند تنقلاتهم من طرابلس إلى الزيبان، ولعل حرق الكاهنة لتلك المناطق إبان
الفتح الاسلامي يشير إلى ذلك.
وما يشهد على العصر الحجري في سوف وجود الصوان المسنون
والأدوات المختلفة الأنواع والأحجام كرؤوس السهام المصنوعة بدقة ومن مختلف
العصور.
وفي 2000 ق.م أخذت المنطقة الهيئة التي نعرفها بها الآن
من حيث المناخ باختفاء بعض النباتات والحيوانات ماعدا الجمل، الذي بقي
يجوب المنطقة طولا وعرضا.
البربر الأمازيع في وادي سوف
إن ظهور البربر "الأمازيغ"
تحدد تاريخيا بنحو 2600 قبل الميلاد، حيث عاشوا في الشمال الافريقي
والحدود المتاخمة للصحراء، وقد كان يعيش في الجنوب الشرقي الليبيون الذين
تحولوا بمرور الزمن إلى جيتولين، ويضيف إليهم المؤرخون قبائل الزيفون"Ziphones" والافوراس "Iforaces"وماسوفا "Massoufa" ،إضافة إلى شعب الغرامانت الذي عاش في شمال شرق الصحراء حيث أسس مملكة "غراما" (غدامس) بداية من الأراضي الطرابلسية.
وقد كان لقبيلة زناتة الانتشار الواسع في جنوب الصحراء
المغربية، وهم معروفون بالبداوة والترحال يعتمدون في عيشهم على سكن الخيام
واتخاذ الإبل، وقد شيد الزناتيون في سوف عدة مساكن منها الجردانية
والبليدة وتكسبت القديمة، وبعد رحيلهم في بداية القرن 15م بقيت بعض آثارهم
ومنها التسميات مثل تغزوت، ودريميني وبعض أسماء التمور مثل تكرمست،
تفازوين، تافرزايت وغيرهم.
الفنيقيون القرطاجيون في سوف
ينتسب الفنيقيون إلى موطنهم الأصلي فينيقيا ببلاد
الشام، وكانوا أمة تمارس التجارة البحرية ووصلوا في ذلك إلى البحر الأبيض
المتوسط، فانتشروا في شمال إفريقيا، وأسسوا به نحو 300 مركز تجاري و200
مدينة.
وكانت تربط القرطاجيين علاقات تجارية برية مع بلاد
السودان، وكان الطريق يمر بالعرق الشرقي الكبير في الناحية الشرقية من
سوف، فكانت القوافل تنقل السلع الافريقية مثل العاج والزمرد والذهب وريش
النعام والعبيد، وكانت هذه القوافل خاضعة لمراقبة قبائل الغرامانت،
فيقتطعون منها الضرائب، واتخذ التجار لأنفسهم وكلاء في غدامس، وهذا ما
جعلهم يتعاملون مع سوف واستقر بعضهم في أرضها، فسكنوا الجردانية في الشمال
الشرقي لسوف، وفي البليدة القديمة قرب سيف المنادي في الجهة الشمالية لسوف
على مسافة يومين، وطالت إقامتهم في المنطقة وهم يمارسون الرعي والتجارة.